ثقافة مهرجان كان السينمائي: آخر عمل للمخرج الفرنسي لوران كانتي، يفتتح قسم "أسبوعا السينمائيين"

بقلم الناقد الطاهر الشيخاوي
أمّا شريط "أنزو" (Enzo) الذي افتتح قسم "أسبوعا السينمائيين" للدورة 78 لمهرجان كان السينمائي، فهو من جنس الأفلام الاجتماعية الملتزمة كما عوّدنا على ذلك لوران كانتي (Laurent Cantet) صاحب "الموارد البشرية" (Ressources humaines) المشهور. فيلم روائي قريب في بنيته وصناعته من الجنس الوثائقي، يرافق شخصياته مرافقة حثيثة ومتأنية تسجّل كل جزئيات تصرّف الشخصيات بعيدا عن التضخيم الدرامي المفتعل.
الشريط كتبه لوران كانتي صحبة روبان كامبيلو Robin Campillo ولكنّه توفي قبل بداية الإخراج في شهر أفريل الماضي ، فتعهد رفيقه بذلك ملتزما بمبادئ صديقه.
انزو شاب في السادسة عشر من العمر ينتمي إلى عائلة برجوازية، انقطع على التعليم خلافا لأخيه، اختار الاشتغال في العمل اليدوي. نراه عاملا في حضيرة بناء لكنّه أخرق، مرتبك، ينقصه التركيز، ونكتشف شيئا فشيئا انتماءه الاجتماعي وعدم تأقلمه مع وسطه العائلي.
تربطه علاقة بزميله الأوكراني إلى درجة تجاوزت حدود قابلية هذا الأخير. يتراوح الشريط بين عالم الشغالين والوسط العائلي لأنزو يمكننا من التعرف على شخصيته المرتبكة ومن خلالها على التناقض الصارخ بين هاذين الوسطين، بين الثراء والفقر بين الهدوء والصخب بين الطمأنينة والحيرة.
الموضوع اجتماعي سياسي بامتياز لكنه يبتعد على التبسيط الدعائي أو الابتزاز الأخلاقي، في محاولة جدّ رقيقة لالتماس أثر هذه التناقضات على شخصية الشاب المراهق. ولسان حال المخرج يُلفت انتباه المشاهد إلى النتائج الوخيمة التي تنجر عن تجاهل المآسي المحيطة بنا، تجعل من الرفاهية غطاء رهيفا لحالة مأساوية سريعا ما تتحول إلى تراجيديا.
تكمن أهمية العمل في تقاطع خيوط القراءة النفسية والاجتماعية والوجودية التي تضع المسألة في مستوى الحياة اليومية بعيدا عن التضخيم الدرامي.